الطيران الخاص في الشرق الأوسط: طائرات كبيرة ومبيعات منخفضة

تاريخ النشر: 6 يناير 2015

عندما يفكر الأجانب في الشرق الأوسط فإنهم يميلون إلى التفكير في الكثبان الرملية والجمال وما الى ذلك من الأشياء النمطية المحفورة في أذهان الغربيين. والحقيقة هي أن الشرق الأوسط منطقة مترامية الأطراف تبلغ مساحتها 90% من حجم الولايات المتحدة وتعداد سكانها أكبر (351 مليون نسمة) مقارنة مع (319 مليون نسمة) يعيشون في الولايات المتحدة.

وعندما ننظر إلى الشرق الأوسط من هذا المنظور، ونجد أن أسطول الطائرات الخاصة، والذى يمثل أقل من 3% من إجمالي طائرات رجال الأعمال في العالم، يبدو ذلك مفاجأة مخيبة للآمال نوعا ما.

وفقا لشركة جيت نيت، وهي جهة معتمدة لأبحاث سوق طائرات رجال الأعمال، هناك 575 طائرة خاصة في منطقة الشرق الأوسط. وتتوقع شركة بومباردييه الكندية اضافة 380 طائرة خاصة جديدة الى أسطول الشرق الأوسط بحلول عام 2023، في حين يتوقع ان يزداد عدد الطائرات الخاصة فى أمريكا الشمالية إلى 12430 بدخول 4885 طائرة جديدة الى الخدمة في نفس الفترة.

يقول وسيم الصاحب، مدير المبيعات لشركة بومباردييه "الشرق الأوسط لا يزال سوقاً ناشئة"،. "كما إن الأوضاع السياسية في السنوات الخمس الماضية لم تكن مؤاتية اطلاقاً".

ولكن بعيدا عن المشاكل الجيوسياسية، يمكننا أن نعزو سبب هذا النمو البطىء نسبيا الى حقيقة أن منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة الوحيدة في العالم هذا العام التى تقلص فيها عدد المليارديرات فعلا من 84 لى 66 على الرغم من ان الزيادة العالمية كانت بنسبة 15% وفقا لشركة بومباردييه.

هل الأكبر ، أفضل؟

ان الاعتقاد السائد هو ان الطيران الخاص في الشرق الأوسط يبدو مدفوعا إلى حد بعيد باتجاه الطائرات الخاصة الكبيرة الحجم والفائقة المدى والمجهزة داخلياً بصورة فخمة - وهناك بعض الحقيقة في ذلك. إذ تمثل الطائرات الخاصة الثقيلة أكثر من 70% من أسطول الشرق الأوسط، وستمثل الطائرات كبيرة الحجم نسبة 24% من الطائرات الجديدة التى ستدخل الخدمة على مدى السنوات العشر المقبلة حسب توقعات بومباردييه.

وعند النظر إلى بيانات جيت نيت بدقة أكثر، يتضح لنا بأن الطائرات الخاصة الكبيرة الحجم من طرازات إيرباص وبوينغ مجتمعة تشكل نسبة 24% من إجمالي أسطول طائرات رجال الأعمال في المنطقة. وفي حين أن طراز الطائرة متوسطة الحجم - سيسنا سايتيشن اكسل - هو الأكثر مبيعاً في جميع أنحاء العالم، نجد أن الطائرة الأكثر شعبية في الشرق الأوسط هي الأكبر حجما - تشالنجر 605، وتليها مباشرة الطائرة بوينغ (بي بي جي).

وهذا على ما يبدو هو مصدر الاعتقاد السائد بأن الدافع الرئيسى لمالكى الطائرات الخاصة في الشرق الأوسط هو استخدامها كمؤشرات للأوضاع المميزة للمالكين أكثر من استعمالها لجدواها التجارية ولتسهيل التنقلات المتعلقة بالعمل.

"أغلب المشترين في الشرق الأوسط يريدون أحدث الأشياء والصرعات في السوق"، ويقول بريندان لودج، مدير تطوير الأعمال في شركة جيت بروكرز. "القادرين على الشراء النقدى هم الأكثر هيمنة على السوق".

ولكن، كلما نضج السوق، يصبح المشتري أكثر دراية وحنكة. ترى شركة داسو فالكون سيرفس امكانات هائلة في الشرق الأوسط للطب على طائراتها ، حيث تمثل مبيعات فالكون 5X في الشرق الأوسط نسبة 20% من مجمل مبيعاتها عالميا.

ويقول اوليفييه فيلا، نائب الرئيس الأول - للطائرات المدنية في داسو فالكون: "لقد تحدثت مؤخرا إلى رجل أعمال سعودي كان يحاول حساب تكاليف دورة حياة طائرة خاصة"، قال انه يتطلع لشراء طائرة فالكون 7X، لأنه كان قد جرب هذه الطائرة من قبل، ولكن عند مناقشة احتياجاته بدقة، قرر ان يحصل على فالكون 2000LX حتى تكون طائرة فالكون 5X جاهزة للخدمة.

مع ارتفاع الطلب على الطائرات الجديدة، تعانى سوق الطائرات المستعملة من الركود. فالطائرات المعروضة للبيع في الشرق الأوسط تمضى ما معدله 582 يوما في السوق، وهو رقم عال جدا مقارنة بالمعدل العالمي لبقاء الطائرة معروضة في السوق والبالغ 391 يوما حسب احصائيات العام الماضي.

ويقول سكوت بلامب – نائب الرئيس للمبيعات في شركة جيتكرافت "أما الطائرات الكبيرة مثل إيرباص ACJ وبوينغ BBJ فتبقى معروضة في السوق لما يزيد على السنة ، لذلك يضطر البائعون لتوفير حسومات ملموسة ليتمكنوا من بيع هذه الطائرات وعادة ما تكون دون توقعاتهم."

فى الواقع، ليست مبيعات الطائرات الكبيرة وحدها التى تعانى، فعلى الصعيد العالمي في النصف الأول من السنة ، تقريبا تضاعف عدد طائرات جلفستريم الخاصة من طراز G550 المعروضة للبيع.

يقول ثييرى بوستون - رئيس شركة بوستون أفيشن: "لا تزال G550 تسبب صداعاً مزمناً لوسطاء بيع الطائرات الخاصة. لقد كانت هناك 7 طائرات من هذا النوع في السوق في ديسمبر 2014 والآن توجد منها 35 طائرة معروضة للبيع. بينما يقول ستيف فرسانو – صاحب شركة جيت بيزنس في لندن "مازال عدد طائرات G550 في السوق يعتبر ضئيلا" ويعتقد بأن هذه الطائرة "قد احتفظت بقيمتها في سوق الطائرات الخاصة المستعملة بصورة مذهلة".

ناضل السماسرة أيضا في تحريك طائرات بومباردييه بالسرعة الكافية في الشرق الأوسط - وكذلك المناطق الأخرى - حيث يؤكد سكوت بلامب "ان 14% من الأسطول العالمي لطائرات جلوبال 5000 معروض للبيع". ويضيف سكوت بلامب "بأنه يتم بيع طائرتين من طراز جلوبال اكسبريسXRS كل شهر، واذا لم تكن تضع أسعارك في هذا النطاق، فلن تستطيع البيع أبداً".

الاختلافات الثقافية!

ويتكهن البعض بأن السبب وراء عملية بطء حركة البيع في الشرق الأوسط يكمن في البعد الثقافي أكثر من الاعتبارات التجارية، إذ يقول أحد مديرى المبيعات في بومباردييه ان أصحاب الطائرات في الشرق الأوسط "عادة لا يرضون بسعر الاستبدال الذى يعرض عليهم".

كما ان كريستوفر زارنيك من شركة كوروريت كونسيبتس يقول: "البائعين في الشرق الأوسط يفضلون ان يسمى المشترى السعر الذى يريده بدلا من ان يضعوا هم على الطاولة السعر الذى يطلبونه مقابل الطائرة وهذا يؤدى الى بقاء الطائرة في السوق لفترات أطول".

وحسب ما يقوله بعض سماسرة بيع الطائرات الخاصة "أن بعض التصميمات الداخلية التى يفضلها ملاك الطائرات الخاصة في الشرق الأوسط – والتى قد تكون تكلفت مبالغ باهظة جداً - لا تروق للمشترين من مناطق أخرى في العالم ويكون لذلك تأثير سلبي على إمكانية اعادة بيع الطائرة". ويقول أحدهم: "أصحاب الطائرات الخاصة في الشرق الأوسط ينفقون ثروة طائلة على تصاميم داخلية ، لا نجد في نهاية الأمر من هو على استعداد لدفع ثمنها."

المصدر: كوربوريت جيت انفيستور.

WhatsApp